مرقس 8 : 34
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي

عِندَ الصليبْ أُنكِرُ ذاتي وشهواتي

إنكار النفس! من أصعب الأمور التي ممكن ان تواجه الإنسان. فمحور الإنسان في طبيعته القديمة هو نفسه. دائما يتسابق ليثبت وجودهُ، ويجتهد من اجل اظهار نفسه مستغلاً كل الفرص. لكن محور الإنسان المتجدد هو شخص الله المحب. فالمؤمن المسيحي يجتهد مستغلاً كل الفرص ليَنقُص ويزيد المسيح فيه. وكُل من إستطاع أن يُنكِرْ نفسهُ قد تقابل بالحق مع المسيح وقَبِلَهُ مُخلِصاً وسيداً على حياتهِ. عند الصليب إذ رأى المؤمن الحبَّ العجيبْ، رأى حُباً أعظم مِنْ حُبهِ لنفسهِ، فالله يُحِبنا في المسيح أكثر مما نُحِبْ أنفسنا. فكيفَ لله القدوس أن يحب الإنسان الخاطئ! وأمام تلك المحبة الفريدة من نوعها والتي تفوق تصوراتنا وأفكارنا يُنكِر الإنسان نفسه قابلاً الرب يسوع سيداً على حياتهِ. فيبدأ رحلتهُ في الإيمان مُمجِداً الله لا نفسه. عند الصليب ينكر الإنسان ذاته ومن ثم تتضح توجهاته. فإن كانت توجهات المؤمن تدل تماما على تمجيد الله فهذا مؤشر على ان اللقاء كان لقاءٌ حقيقي. وحقيقة هذا اللقاء تتضح من حيث ان المؤمن ينقض ليزيد المسيح فيه، وليظهر المسيح فيه، لا ليظهر هو من خلال نفسه! فهكذا تكلم يوحنا المعمدان يوحنا 3 : 30  ” يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ “ فهو تكلم عن نفسهِ، وعلى كل مؤمن أيضا أن يجتهد لينقص هو، لا أن يجتهد لينقصوا الآخرين! فعندما يكون هناك مؤمناً ينقص ويزيد المسيح فيه، سيكون هذا المؤمن مثالاً مباركاً لمن حوله، لأنهم سيَرَوْن المسيح من خلالهِ، وبالتالي سيجتهدون ليتمثلوا به كما تمثل هو بالمسيح. وهذا ما قاله بولس الرسول 1كورنثوس 11 : 1 ”  كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ”. فكما ان لكل شجرةٍ ثمر، فأيضا ثمر تمجيد الله ظاهر، وثمر تمجيد الذات ظاهر. ولذلك على المؤمن ان يحيا حياته بأمانة مُمَجداً من أحبهُ الى النهاية. لربما يختار ان ينال أجرهُ في هذا العالم الفاني ويخسر المكافآت الأبدية. فهذا خيارهُ. أو لربما لم يلتقي بالأساس لقاءً حقيقياً مع المسيح! أما الذين إلتقوا بالمسيح وقبلوه مُخَلِصاً وسيداً على حياتهم. فصلاتهم ستكون: يارب علمني أنا شخصياً أن أحيا لتمجيد أسمك ولإظهار حقك. هارباُ من كل ذاتٍ وإرتفاعٍ. وناظراً إلى بهائِكَ. خاضِعاً لكَ، مُثمراً أثماراً تُمَجِد أسمكَ. علمني أن أتسابق لتزيدْ أنت لا أنا

فعندَ الصليبْ حيثُ سُفِكَ دَمُكَ يا مُخَلِصي الحبيبْ، أصلِبُ ذاتي وشَهواتي وأحيا مُلكَكَ

وصلاتي أن أكون بركة في بيتي وكنيستي ومجتمعي مًعلناً لهم حُبِكَ

فأنت المِحوِرُ لا أنا

 

 

مرقس 8 : 34

وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي

أَبُلُّوسُ وإنكار الذاتْ

أعمال الرسل 18 : 24 – 26 24  ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى أَفَسُسَ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ أَبُلُّوسُ، إِسْكَنْدَرِيُّ الْجِنْسِ، رَجُلٌ فَصِيحٌ مُقْتَدِرٌ فِي الْكُتُبِ. 25  كَانَ هذَا خَبِيرًا فِي طَرِيقِ الرَّبِّ. وَكَانَ وَهُوَ حَارٌّ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ وَيُعَلِّمُ بِتَدْقِيق مَا يَخْتَصُّ بِالرَّبِّ. عَارِفًا مَعْمُودِيَّةَ يُوحَنَّا فَقَطْ. 26  وَابْتَدَأَ هذَا يُجَاهِرُ فِي الْمَجْمَعِ. فَلَمَّا سَمِعَهُ أَكِيلاَ وَبِرِيسْكِّلاَ أَخَذَاهُ إِلَيْهِمَا، وَشَرَحَا لَهُ طَرِيقَ الرَّبِّ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق

في هذا الوقت العصيب، وفي أواخر الأيام تمادت الذات في إظهار نفسها وباتت بعيدة كل البعد عن التواضع، إلا أن مشيئة الرب ان نحيا بتواضع منكرين الذات.

واليوم نتعلم من رجل لله يدعى أَبُلُّوسُ من صفاته: 1- ( فصيح ) وممكن أن نفهم من كلمة فصيح بأنه متكلم سليم وأسلوبه واضح، ويُحسن البيان. 2 – ( مقتدر في الكتب ) عارف بالكلمة وله المعرفة الكافية، فهو مقتدر كما شهد عنه النص. 3 – ( خبيرا في طريق الرب ) فكان أبلوس خبيراً في طريق الرب، أي متفوقاً بالعِلم في الأمور الروحية، فعنده عِلماً ليس بقليل فيما يختص في طريق الرب. 4 – ( حار بالروح ) أي سالك بحسب مشيئة الرب، فهو لا يحزن الروح القدس. 5 – ( يعلم بتدقيق ما يختص بالرب ) تعليمه سليم، يُعلم بتدقيق، حريص على ان يُفَصِل كلمة الحق بإستقامة ليقدمها للآخرين. يالها من مواصفات مباركة وعظيمة. لربما لو كانت هذه المواصفات عند البعض من الذين لم ينكروا ذواتهم، بمقدار 1 بالمئة فقط لا أكثر، لما ألقوا السلامْ على الكثيرين. مقَيْمين أنفسهم بأنهم الأفضل، إذ هم مُتعليمنْ، وعارفينْ، وإذ هم دارسين يجيدون النطق السليم. ومن المستحيل ان يقبلوا التوجيه والملاحظة البناءة، فعظمة الذات تبدو واضحة على أولئك

أما بالنسبة للمؤمنين المسيحيين فمشيئة الرب أن نحيا بالتواضع، عالمين أن الرب هو مُعُلِمنا الأعظم، ونحن جميعنا تلاميذ، نتعلم من بعضنا البعض من المواهب المعطاة من الله في الكنيسة. لسنا كاملين وهذا دليل على اننا محتاجين على الدوام ان نتمتع بالتواضع لنستطيع الاستمرار في السعي للنمو والقداسة لتمجيد الله آبانا المبارك

أَبُلُّوسُ هذا الإنسان المتواضع، أخضع نفسه لخَيامَيْن أكيلا وبريسكلا. فَقَبِلَ أن يأخذاه إليهما ويشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق. ياله من دليل واضح على ان أَبُلُّوسُ هو مؤمن حقيقي أنكر نفسه. لم يقَيم نفسه بنفسه، ولم يقل لهم إذهبا عني يا خَيَامَيْن فأنا من ينبغي ان أُعَلِمكُمْ! كان مُستسلِماً لقيادة الروح القدس، وخضع ليُعَلِماه الخيَاميْن أكيلا وبريسكلا طريق الرب بأكثر تدقيق

نَحنُ في وقت عصيب! مُتاح في هذا الوقت ان يصنع كل إنسان ما يحلو لهُ، حيث لا ضوابط. وحتى لو عَلِمَ بخطأه غالباً ما يُكابر غير قابلاً التوجيه والشرح الدقيقْ

أَبُلُّوسُ مثال يُقتدى به

صلي أيها المؤمن الأمين قائلاً

علمني يارب أن أحيا حياة تشهد عن إيماني بالذي فداني. علمنى ان أُنكرْ نفسي لأحيا لكَ لا لذاتي وشهواتي وملذاتي ومخططاتي

ناظرين إليك أنتَ، وإلى من تمثلوا بك يا سيدي الحبيبْ

 

 

مرقس 8 : 34
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي

من شاول الطرسوسي إلى بولس المسيحي

غلاطية 2 : 20 مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي
مع المسيح صلبت، فأحيا لا ( أنا ) بل ( المسيح ) يحيا فيَّ. هذا ما حدث مع شاول الطرسوسي عندما لبى النداء، وقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً وسيداً على حياته. لم يتغير اسمه فقط من شاول الى بولس بل تحول قلبهُ تماماً من التركيز على ذاته لمحبة المسيح. أنكر ذاته وأنتهت سيادته على ذاته ليقود الرب يسوع المسيح حياتهُ فيما بعد. إنهُ لفرق شاسع ما بين كلمة ( أنا ) و ( المسيح ) وهذا ما يجب أن يحصل في حياة كل من قَررَ أن يتبع الرب يسوع المسيح. ومن أهم دلائل إنكار النفس عدم إظهار الذات، وذلك بالترويج لها بمصطلح ( الأنا ) أو توابع هذا المصطلح، أي الافتخار بما أفعلهُ أنا، والترويج لما أفعلهُ أنا! وأحياناً مُمكن أن تسمع هذه الجمل: لولاي لما نجحَ الأمر! لو لم أكن موجوداً هناك لما كانت الأمور بخير! لو لم اتقابل معه لخسرَ حياته الى الأبد! لو لم أصلي معهُ لما شُفي! وإلخ … إن دَلَتْ هذه التصرفات على شيء فتدُلْ على عدم إنكار الذات، وعدم التخلص من مصطلح ( الأنا ) وهذا ما لم يفعلهُ الرسول بولس بل لنرى ماذا قال الرسول بولس وهو يستطيع أن يفتخر بالجسد
فيلبي 3 : 4 – 8 4  مَعَ أَنَّ لِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ فَأَنَا بِالأَوْلَى. 5  مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. 6  مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ. 7  لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. 8  بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ
بولس كان له الكثير من الأمور التي كانت في رصيدهُ الشخصي التي تؤهلهُ للإفتخار على الصعيد الجسدي. ولكنهُ حسبها خسارة ونفاية من اجل ربح المسيح
عزيزي دعني أقول لك أن إبليس يوهمنا بحسب طبيعتنا الساقطة بأننا نملك أمور ممكن أن نفتخر بها. المؤمن الأمين الذي يستخدمه الله بقوة لا ينسب أي نجاح لذاتهِ، بل لفضل نعمة الله الغنية التي خلصته. فالروح القدس الذي حلَ به يعلمه أن يمجد الرب يسوع كما قال الرب يسوع يوحنا 16 : 14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ
بولس عاش لمجد المسيح، فصلب ذاتهُ حينما ألتقى بالمسيح، وأصبح حُراً من غطرسة الذات. واليوم دورنا عزيزي القارىء! لمجد من نعيش؟ وماذا يرى الرب في دواخلنا؟ هل صلبنا قديمنا ونحيا بحسب الإنسان الجديد؟ فروح الله الذي إستطاع أن يُغير شاولْ الطرسوسي إلى بولس المسيحي يستطيع أن يُغيرنا أيضاً

ماذا يرى الله في دواخلنا؟ هل يرى ذواتاً مفتخرة، أم يرى قلباً في كلِ نبضةٍ ينبضها يقول إنني لستُ لذاتي بل للمسيح ربي وحياتي. وحاشا أن أفتخر بذاتي بل كل إفتخاري بصليب ربنا يسوع المسيح

غلاطية 6 : 14

  وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ

 

 

مرقس 8 : 34
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي

 أنكرهُ ثلاثةَ مرات، ومن ثُمَ عاشَ أميناً، مُنكراً ذاتهُ حتى المماتْ

هو بطرس الرسول الذي أنكر الرب يسوع ثلاثة مرات على التوالي وحتى أمامَ جارية أي ( خادمة )! ولكنهُ بعد الإنكار وصياح الديك، نظرَ إليهِ الرب يسوع وكأنه يدعوهُ مجدداً، وكأنه يقول له بنظراته الملآنة حُباً أنا سأذهب إلى الصليب من أجل خطاياك يا بطرس، من أجل إنكاركَ يا بطرس. لوقا 22 : 61و62 61  فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ، كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62  فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا. بطرس يبكي بكاءً مراً، هذا البكاء المر كان نابعاً من توبة صادقة تجعل بطرس إناءً للكرامة ونافع لخدمة السيد. بطرس أنكر في ذلك الوقت وتاب. ما حال الأشخاص الذين ينكرون الرب يسوع المسيح بإنتظام! وفي مجالات مختلفة، سواء في عملهم عندما لا يكونون أمينين في عملهم، او في بيوتهم عندما لا يقود الرجل بيته في محبة الله، وعندما لاتخضع المرأة لزوجها بحسب ترتيب الرب للعائلة، أو عندما يتمردوا الأولاد على أبائهم وأمهاتهم ولا يكرموهم، او في الخفاء عندما تشاهد ما لا ينبغي أن تشاهده، أو في الخدمة عندما تكون دوافع الخدمة هي المجد الذاتي، أو في أمانتك مع الله ومع شعبه ( الكنيسة ) وإلخ … بطرس الرسول بعد انكاره المسيح، استطاع ان يُنكر مجدداً! فأنكر ذاتهُ أمام تلك المحبة التي أسرت قلبهُ. فهو أنكرَ ذاتهُ وتبعَ المسيح المُقام من الأموات. بطرس فيما بعد أصبح مثالاً يُقتدى بهِ. فبعد قيامة المسيح وظهوره للتلاميذ وتشجيع بطرس مجدداً ليرعى الخراف، أعلن له الرب يسوع عن أن موت بطرس سيكون من أجل اسم المسيح، وهذا الإعلان أعطى ارتياحاً لبطرس بأنهُ لن ينكرهُ كما فعل مسبقاُ يوحنا 21 : 18و19 18  اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ». 19  قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا قَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». نتعلم من بطرس الرسول الكثير، كيف تلقى توبيخا من بولس الرسول وأمام الجميع، ومن هو بولس؟ هو شاول الطرسوسي الذي اضطهد كنيسة المسيح بقوة وبعنف. ولكنهُ بعد أن تحول من شاول الطرسوسي إلى بولس وفي مرة من المرات قاوم بولس الرسول بطرس مواجهة امام الجميع، لأن بطرس كان ملوماً غلاطية 2 : 11 – 14 11  وَلكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا. 12  لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفًا مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13  وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14  لكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيًّا لاَ يَهُودِيًّا، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟» وهناك نرى تواضع بطرس بعدم مقاومة توبيخ الروح القدس له، لم يُذَكِر بطرس الرسول بولس بماضيه قائلاً: أين كنت أنتَ يا مُضطهد المسيحية عندما اختارني المسيح، وعندما دخلَ سفينتي، وعندما دعاني الرب لأُثَبِتْ اخوتي. أين كنتَ أنت عندما كنا معه في جبل طابور ورأينا مجده وإلخ… وهذا ما يفعلوه الأشخاص الذين لم يُنكروا ذواتهم، فعندما تُوَجِهَهُمْ بتوبيخ كتابي يُذكروك بماضيكَ الذي غفرهُ لكَ المسيح بدمه الكريم، ويُكثروا ويُضيفوا مُفترينْ! أين هم من تلميذ المسيح بطرس وغيره من التلاميذ الحقيقيين؟ إنكار الذات لا يعني أن بطرس أصبح معصوماً عن الخطية، ولكنه كان منفتحاً للتوبة والتعديل وتقويم الإعوجاج وعدم الرجوع إليه. التواضع هو إحدى علامات إنكار الذات. وكان بطرس الرسول متواضعاً ليستطيع إستقبال كلام الروح القدس من فم بولس الرسول. التواضع يُعلمني ان أسمع التوبيخ كما سمع بطرس، والتوبيخ هو للبنيان، والتلطيف الكاذب هو نفاق. فكُن كبولس الغيور على الحق، والذي يُحب أخاه بطرس وباقي أخوته محبةً صادقةً ليتجاسر ويشير إلى الإعوجاج بقصد التقويم. ولا تكن كالمُلَطفين الملقين أم مُحبي التلطيف.أما المُلَطِفين المَلقين بلسانهم فأهرب منهم وهذا ما أوصاه الحكيم سليمان لإبنه أمثال 1 : 10 يَا ابْنِي، إِنْ تَمَلَّقَكَ الْخُطَاةُ فَلاَ تَرْضَ. وكُن مثل بطرس الرسول الذي كان مُنفتحاً لتقويم الروح القدس لحياتهِ

الإستمرار في الإنكار هو بسبب عدم التوبة الحقيقية في الإنكار السابق. فعندما يزدري الإنسان بالإنكار السابق ولا يتوب باكياً بكاء مُراً، سيكون مُستعداً للإنكار التالي وبسهولة أكثر، وكذلك عندما لا يتوب المؤمن عن أي خطية ماضية سيكون مستعداُ لإعادة الخطية  بأكثر سهولة

فصلاتي

توبني يارب لأتوب عن كُل إنكارٍ، و أكون مستعداً لإستقبال التوبيخ من أخوتي. فالمحبة الحقيقية تقودهم لتوبيخي بكلمتكَ الحية المباركة وذلك بقصد تقويم إعوجاج ما في حياتي. ليس من السهل أن يأتي شخصاً ما ويُخبركَ عن أعوجاج ما في حياتك لتكون ناجِحاً أكثر فأكثر على الصعيد الروحي. إعلم أنهُ قبل مجيئه إليك صلى مراراُ وفكرَ فيك مطولاً ولربما بكى من أجلكَ، فهؤلاء المؤمنين هم الممتلئين من الروح القدس. وإستقبال التوبيخ يَتطَلَب إمتلاء من روح الله من جهتكَ أيضاً. وما أحلى أن نقول ما قالهُ كاتب المزمور في

مزمور 141 : 5 لِيَضْرِبْنِي الصِّدِّيقُ فَرَحْمَةٌ، وَلْيُوَبِّخْنِي فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ. لاَ يَأْبَى رَأْسِي. لأَنَّ صَلاَتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ
سأتعلم من رجالك المباركين كبطرس وكل من عاشوا أمينين لكَ، مُنكرين ذواتهم من أجل مجد إسمكَ، لأحيا حياةً مليئة بالبركات، وطابعها تمجيد أسمكَ

 

 

مرقس 8 : 34
وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي

توما وتحولهُ من الشَكْ إلى اليقينْ، والإيمان السليمْ

توما شك لم يصدق ولم يثق بشهادة التلاميذ اخوته عن قيامة المسيح فهو يريد ان يُعاين بنفسه
أحياناً بل غالباً عدم إنكار الانسان لنفسه يضعه في دائرة الشك والتمحور حول ذاته، فيبقى مُتمسكاً دائماً بفكرهِ ورأيهِ وحتى لو أوحى للآخرين عكس ذلك! إلا أن داخله مختلف، إذ نواياهُ الداخلية لازالت على حالها. ما فعلهُ توما كان مكشوفاً، أعلن عن شَكهِ ورغبتهِ بالتأكد بنفسه من أن الرب يسوع قد قام. فأعربَ عن رغبته في رؤية أثر المسامير، والمطالبة بوضع يده في جنب يسوع حيثُ تَلَقى الرب الطعنة بالحربة
علاج توما كان ممكناً لأنه أظهرَ نواياهُ وكان شفافاً بما يدور في داخلهِ من شكْ. ولكن الكارثة تَكْمُن عندما يُظهِر الإنسان عكس ما يحملهُ في داخلهِ، لغاية ما في نفسهِ، فهناك يكون العلاج مستحيل. إلا إذا رَجِعَ الإنسان لنفسهِ مُجَدداً وكان أميناً مع نفسهِ. شفافية توما ستساعدهُ على إنكار نفسه والتخلص من الشكوك وعدم الثقة بأخوته ولا سيما بقيامة الرب يسوع من الأموات. وهكذا سيركز على ما يريده الرب منه وينطلق بقوة لخدمة السيد الرب والتركيز على تمجيد اسم الرب
لذلك قال الرب يسوع المسيح لكل من يريد ان يتبعه … «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فإنكار النفس ليس خياراً بل أساساً في تبعية المسيح. الخيار هو في قرارك ان تتبع المسيح أو لا. ولكن عندما تُقَرِر أن تتبع المسيح عليك أن تنسى ذاتك وأهوائك وشهواتك وتحيا لمجده فقط. مجده هو لا سواه
نَجَحَ توما وتخلص من الشك عندما إلتقاه الرب يسوع، وكان لقاء المسيح بتوما نابعاً من محبة المسيح المطلقة، وتوبيخا لعدم إيمان توما. وقال الرب
يوحنا 20 : 27 – 29 27  ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28  أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». 29  قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا
توما أعلن ولائه الكامل وأنكر نفسه امام ذاك اللقاء العظيم مُعلِناً ان الرب يسوع ربه وإلهه
وعلينا أن نحيا حياتنا المؤقتة على أساس الإيمان لا العيان للننال الطوبى التي وعد بها الرب
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا
توما شك ولكنه اخذ قراره فيما بعد ووضع حياته بالكامل في تصرف الرب، وعاش أميناً للرب

عزيزي القارىء الشك مُمكن أن يودي بكَ إلى العُزلة والإنزواء كما حدث مع توما، فتوما في وقتٍ من الأوقات تركَ أخوته التلاميذ وإنزوى وحده يائساً تاركاً إجتماعهُ مع الأخوة. وهذا ما يُمكِن أن يحصل مع أي شخص مننا بسبب الشك

وأما الثقة بكلام الرب وهذا ما ينبغي ان يكون المؤمن عليه، يجعل منكَ مؤمناً ناضجاً مُمَجِداً إلهكَ الذي أحبكَ ومات من أجلكَ على الصليب

هو وقتٌ لإمتحان الذات. فالرب يُشجعنا في كل يوم نحياه لنجدد عهودنا أمامهُ، واثقين بكلامهُ، مُنكرين ذواتنا أمام عظمة جلالهِ